يجتاح كياني شعورٌ غريب ... فيشلُّ حركة أركاني بشكلٍ رهيب ... لا أدري ما هو هذا الشعور ربما شعورٌ بالخوف .. خوفٌ من لا شيءٍ .. أو خوفٌ من المجهول !! فيخيّم هذا الشعور بظلاله على قلبي ... فابحث عن وميض أملٍ في داخلي في محاولةٍ مني لدحرِ هذا الخوف بالأمل ولكن دون جدوى !! أعيد البحث مرةً أخرى ... أيضاً دون جدوى !! أكرر محاولاتي تلك بين الفينة والأخرى ولكن !! ما من وميضٍ يشرق علي بالأمل ... فابحث عن بقايا بذار أمل لم تنبت بعد وتاهت بين حقول قلبي لأسقيها ماءً عذباً من قوتي وإرادتي لترتوي وتشفي غليل ظَمَئِها وتثمر بحباتٍ لها طلعٌ نضيدٌ من أمل فأقطفها لأردع ذاك الشعور المخيف ولكن !! عُدتُ خالية الوفاض فما من بذارٍ تائهةٍ فقد حصدتُ ثمارها في مواسم سابقةٍ وقاسية ولم أُبقِ شيئاً منها ولم أَذرْ لمثل هذا الموسم الأقسى ... أحاول في هذه المرة زرع بذار الأمل بيدي فاستقيها من لحظاتِ تفاؤلٍ قد جار عليها الزمن وأبطل مفعولها فاحفر بمشكاة الإرادة في أرض جراحي فأنثر زرعي في تلك الأرض فأواري بذاري بتراب الصبر فأِهِمُّ بأن أُمطِر على زرعي بماء يقيني فأجد غيماتي قد جفت ولم يبقَ فيها حتى قطرة ... فارفع راية الاستسلام لخوفي فيقتحمني اليأس بسرعة ويسيطر على قلبي .. ويعلن حظر تجوالٍ على ما بقي من سعادتي ... ويحرّك فيا الأشجان ويبني ثكنات الألم على كل ضفة من ضفاف قلبي ويُسْكِنُ فيها جنود القهر ويرسل جنود الحزن ليعتقلوا أفكاري فيمارسوا عليها شتّى أنواع الألم والضغوط فيجبروني على استرجاع مقاطع من شريط ذكرياتٍ لم يحن موعدُ استرجاعها حسب التوقيت المحلي لأملي المتبدد لأنها تسبب ليَ الألم والحنين .. والشوق والأنين .. فأقعُ أسيرةً بين يدي الأحزان وأصبح سجينةً لتلك الذكريات الأليمة ولا أعرف كيف أفكُّ قيد اليأس المكبل على معصمي وكل أركاني لأهرب بعيداً عن هذا السجين الكئيب ... اغمض أجفاني علّي أريح قلبي من الاستعمار الذي احكم عليه السيطرة ... فأنام بهدوءٍ قلقٍ مليءٍ بأحلامٍ باهتة الألوان وشاحبة الملامح والتفاصيل صعبة المنال ... بعدها استيقظ على برود أطرافي وحرقة قلبي فأرى شعاع أملٍ لا أعرف مصدره .. فاركض بلهفةٍ إليه فاستلّهُ كأنه السيف لأضرب به عنق اليأس واقطع دابره واقتلعه من جذوره ... فيرتعب أتباعه فينسحبوا من داخلي ويختفي ذلك الخوف المشين بظلاله ولا يُبقي له أيّةُ أثر ويشرق الأمل على قلبي فأشعر بالدفء والأمان والراحة والسكينة والاطمئنان .,!