قليل منَّا الذي يوجهه لنفسه هذا السؤال!!
فلكم شكوت فقرك لهذا، وعجزك لذاك، وفاقتك لأولئك؟!
ولكنك لم تلجأ بحاجتك كلها إلى الله تعالى!! على الرغم من أن جميع من لجأت إليهم، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً!!
إن ضعفنا البشري، ليدفعنا دوماً إلى اللجوء إلى المخلوقين والغفلة عن الخالق، على الرغم من إيماننا النظري بأن الأمر كله بيد الله وحده، إلا أن واقعنا العملي يشهد بضعف يقيننا، وقلة بصيرتنا، وغلبة عجزنا، ومرد هذا كله . .
(ضعف الصلة بالله تعالى)!!
وقد يعجب المرء إذا علم أن أسرع سبيل لتقوية صلته بالله تعالى، هي سؤاله الدنيا!!
أفليس هو من خلقك وتكفل برزقك وحياتك وموتك؟! فما الذي يمنعك من اللجوء إليه بصدق الطلب في أمري الدنيا والآخرة، لاسيما وقد ندبك لهذا بقوله سبحانه :
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة) فلجوء العبد بحاجته كلها إلى الله، وإقباله بصدق عليه سبحانه؛ من أفضل سبل تقوية الصلة به، حتى ولو كانت الدنيا مسألته!!
إذ أن مجرد استشعار العبد لضعفه، وإقباله على من بيده الأمر كله، سوف يرتقي به من منزلة الإيمان النظري إلى مرحلة الممارسة العملية للعبودية الحقة (الدعاء مخ العبادة) التي يألف بها قلبه دوام اللجوء لمصدر القوة والمنعة والرزق والأمان والراحة والسكينة والطمأنينة (الله) حتى يرتقي تلقائياً لمنزلة الرضا بقضائه وقدره!!
فهل قطعت الأمل في المخلوقين يوماً، وجردت قلبك لله وحده في إحدى سجداتك، وألجات حاجتك كلها بصدق إليه سبحانه؟!
جرَّب ذلك محاولاً تفريغ قلبك من جميع مشاغله؛ كي يصفو منك صدق التوجه إلى الله في الدعاء، واسأله مسألة من ينتظر إجابة دعوته الساعة!! وتعوَّد الإلحاح عليه في الدعاء، حتى تستشعر وكأن عينا قلبك لا يفارق ناظريها السماء!!
إنك لو نجحت بالفعل في الوصول إلى تلك الحالة؛ فكن على يقين من أنه . .
سيكون لديك الكثير والكثير لتقوله!!